المشروعات الكبيرة قد تبدأ بفكرة غبية!
يتصوّر الكثيرون أن المشاريع الضخمة والشركات العملاقة بدأت من رؤية واضحة وتحليلات عبقرية وأفكار خيالية، وتقضي هذه الشركات شهورًا من التخطيط لتحقيق هذه الرؤية، لكن في الواقع الموضوع في معظم الأحيان أبسط بكثير من كل هذه التعقيدات التي تمنع أغلب المبادرين من تحويل أفكارهم لمشاريع حقيقية.
واحد من أكثر الأسباب التي تمنع الناس العاديين من تحويل أفكارهم لمشروعات على أرض الواقع هو اعتقادهم أن هذه الأفكار حمقاء ولا تساوي شيئاً، لكن الحقيقة التي يجمع عليها أغلب رواد الأعمال الناجحين أن الأفكار فعليا لا تساوي أي شيء بغض النظر إن كانت حمقاء أو خارقة. فيسبوك كان يوماً من الأيام مجرد فكرة غبية على الإنترنت لمقارنة بين الطلبة قبل أن يتحول لأقوى أداة تواصل اجتماعي في العالم.
من دون أن أسرد قصصا لكثير من الشركات التي بدأت بفكرة حمقاء، فالواقع أن كثيرًا من المشاريع الناجحة بدأت بفكرة غبية إلى أن وصلت لنجاح مبهر وفكرة عبقرية. من المعتاد أن تبدأ أي شركة ناجحة بفكرة مشتتة غير متبلورة، قد يراها الكثيرون غبية، لكنها تتشكل بمرور الوقت من خلال التجربة والتحليل والقياس إلى أن تتحول لنموذج عمل جيد. قد تفشل بعض الأفكار وتصبح أفكاراً حمقاء أكثر تعقيدًا، لكن بطبيعة الحال لا يمكن نجاح كل الأفكار، لكن من دون البدء بالفكرة الغبية لن نصل أبدًا للأفكار الخارقة.
المبادرون الناجحون هم الذين يبدأون بالتجارب قبل إطلاق نهائي لمنتجاتهم وخدماتهم، فمن خلال تحويل فكرتهم المبدئية إلى منتج تجريبي غرضه الأول هو تجربة آراء العملاء وقياس مدى نجاح فكرة المنتج. في كثير من الأوقات تمرّ الأفكار خلال مرحلة التجارب بمجموعة من الاعتراضات غير المتوقعة، بعضها قد يؤثر على استمرارية المنتج في السوق، ولهذا نرى الكثير من المبادرين الذين استثمروا كل مواردهم على المنتج من دون مرحلة اختبار الفكرة هم الأسرع في فشل مشاريعهم. فكل تجربة نقوم بها وكل عميل نتحدث معه يفتح بابًا آخر. في بعض الأحيان تكون هذه الأبواب خطوة صغيرة من حيث تأثيرها على الفكرة، ولكن في أحيان أخرى تؤدي هذه الأبواب إلى فرص كبيرة وقد تكون مختلفة تمامًا.
مما يميز البدء بفكرة غبية هي أنها ليست أحد أبنائنا ولسنا مرتبيطن بها إلى الأبد. نحن على استعداد تام لإعادة تشكيلها حسب الحاجة لأننا نعلم أنه مجرد حافز لنبدأ. عندما نحاول أن نبدأ بـ “الفكرة المثالية”، فإننا نفعل العكس – نستمر في محاولة جعل كل تجربة تتناسب مع أطروحتنا الأصلية التي تمنعنا من النقد الذاتي. تمنحنا الأفكار الغبية أيضًا المجال الذي نحتاجه لتجربة المزيد. منذ البداية، نحاول الهروب من المفهوم الأصلي لأننا نعتقد بالفعل أنها فكرة غبية! يدفعنا ذلك إلى إجراء تجارب أكثر جرأة أو الاستماع عن كثب إلى ردود الفعل القاسية لأننا نتوقع ذلك. الأفكار الغبية تجعلنا مؤسسي أفضل من خلال جعلنا في وضع يسمح لنا بالاستماع عن كثب.
تذكر عزيزي المبادر:
بصفتنا رواد أعمال، فنحن لسنا بحاجة إلى رؤى عظيمة – نحن بحاجة إلى مسار يؤدي في النهاية إلى رؤى عظيمة. الطريقة الوحيدة لبناء هذا المسار هي الخروج من التفكير بمثالية واتخاذ خطوة في هذا الاتجاه.