مايكرو شباب
ربما تكون أجمل اللحظات التي يقضيها رواد الأعمال هي تلك التي يشارك فيها قصته مع المبادرين، والتي من الممكن أن تكون شرارة تنطلق منها مئات المشاريع الناشئة، وكأي مبادر في البدايات كنت أهتم بشدة بمتابعة وحضور المؤتمرات التي يشارك بها رواد الأعمال من البحرين والمنطقة والعالم، ويستعرضون أهم الصعوبات التي واجهوها في طريقهم للنجاح والتي أعتقد أن أهميتها تتجاوز ألف مرة مسألة سرد الإنجازات والجوائز.
خلال وقوفي لنحو ساعة كاملة أمام أكثر من ألف شابة وشاب من العقول البحرينية الطموحة خلال ملتقى “مايكرو شباب” مؤخراً في جامعة البحرين، تعمدت أن تكون البداية صادمة وواقعية وكان سؤالي عن أسهل وأسرع عمل من الممكن أن تقود أي خريج للفشل؟ لأخبرهم سريعاً أنها التذمر أو بالمصطلح الدارج “التحلطم”.
فعلياً الكثير منا يسقط في وحل التذمر بعد التخرج وهي مرحلة صعبة جداً ومهمة في الوقت نفسه، ومن الممكن أن يبقى تأثيرها السلبي لسنوات طويلة، خصوصاً أن حصيلة التذمر هي صفر معرفة، صفر مهارة، صفر عمل وصفر تجربة والتي هي أساس التقدم والنجاح، ففي مرحلة الشباب يكون الحماس والطاقة للإنجاز في أقصى مستوياتها، ولا يجب علينا إهمال هذه الفرصة.
أخبرتهم أنه في بدايات العمل الريادي يجب على المبادر أن يتحلى بالمرونة، فأغلب خطط العمل تصطدم بالواقع ولا يمكن تنفيذها بحذافيرها، وإن اعتبرنا أن عدم تنفيذ خطط العمل فشل، فهو أفضل معلم، ويجب علينا كمبادرين معرفة أسبابه والفرص التي في الغالب تظهر في محطات الفشل، وببعض من المرونة يمكن للمبادرين تصحيح الطريق والمواصلة في عالم الأعمال.
هذا ما حصل معي في بداية الطريق عندما اعتقدت أن السوق بحاجة لحلول تكنولوجيا متطورة من دون فهم أسباب هذه الحاجة، وبعد الفشل والتعلم منه اكتشفت أن الحاجة هي للتكنولوجيا التي تتوظف في التسويق، ومن هنا انطلقت فكرة تريكسول لحلول الأعمال في التسويق الإلكتروني، وبالتجربة والخبرة وصلنا اليوم لدمج التدريب بالتسويق والتكنولوجيا وأنشأنا أول منصة تدريبية إلكترونية للمهارات “تدريب هب”.
حصيلة ما تعلمته في مشوار عشر سنوات في عالم ريادة الأعمال كان النصيحة التي شاركتها مع الحضور وهي المعادلة التي أؤمن أنها سبب نجاح معظم رواد الأعمال، والتي تبدأ في التعلم والذي يعتقد معظم الخريجين مع الأسف أن لديهم من العلم المكتسب من التعليم الجامعي ما يكفي للنجاح في عالم العمل الحر، لكن الواقع أن التعلم عادة لا نهاية له، فكلما تعلم المرء أكثر كلما زادت فرص نجاحه.
بعد التعلم نصل لمرحلة التجربة، وكم من الأشخاص من يمتلك الكثير من العلم من دون تجربة وتطبيق لهذا العلم على أرض الواقع، منهم من يخاف المحاولة ومنهم من يقضي عمره في التخطيط خوفاً من التنفيذ والفشل، لهذا في المرحلة الثالثة من المعادلة اخترت الفشل، وما المشكلة إن فشلنا، شخصياً لم أقرأ قصة من قصص أشهر رواد الأعمال في التاريخ ولم أجد فيها مراحل من الفشل، فالفشل مرحلة وحافز في طريق النجاح وأهم معلم، وأخيراً مرحلة التصحيح وإعادة المحاولة حتى الوصول لقمة النجاح.
شكر خاص
قبل أكثر من خمسة عشر سنة عندما كنت في مرحلة الجامعة لم يكن التوجه لتحفيز الشباب لدخول عالم ريادة الأعمال، واليوم نرى الكثير من المبادرات التي تشجع وتسهل دخول الشباب في العمل الريادي، فشكراً لجميع الجهات والمؤسسات والجامعات على هذا الاهتمام بالشباب والأعمال.
https://www.albiladpress.com/news/2022/4918/columns/752088.html