دعاة السلبية
دائمًا ما كنت أتساءل هل فعلًا ما يقال عنا أننا دول عالم ثالث؟ هل نعيش في بيئة تساعد على فشل المبدعين والطاقات الشبابية؟ هل نحن مجتمع فاشل؟ إلى أن وصلت لقناعة أننا نعيش في مجتمع ناجح جدًّا بإفشال الآخرين، نعيش في وسط لا يقبل بنجاح الآخر، قد تكون بأسباب متعمدة أو بعدم وعي من خلال المساهمة بنشر السلبية.
في مجال ريادة الأعمال قد تكون الصورة أوضح من باقي المجالات، فعندما قررت دخول ميدان العمل التجاري وريادة الأعمال كان من المستحيل أن أجد شخصا واحدا يشجعني على ذلك، بل على العكس، لم أجد من لم يحبط كل طموحاتي بعبارات سلبية مفادها أن العمل التجاري خاص فقط بالتجار وبعض الأفراد الذين لم ولن يسمحوا بنجاح أي شخص خارج وسطهم، لكن ما وجدته من دعم ومن مساندة وتقدير من التجار كان عكس ما سمعت، وعند محاولتي إيصال تجربتي لغيري من المبادرين لم أجد سوى الرفض والهجوم من من أحب تسميتهم بدعاة السلبية.
في البحرين لدينا أكثر من جهة هدفها الرئيسي مساعدة المبادرين للنجاح في أعمالهم التجارية، وأنا لا أقول بعدم وجود بعض المشاكل لدى تلك الجهات، والتي نجم بعضها عن محاولة استغلال دعمهم بغير ما أريد له، وهو ما أعطى دعاة السلبية مادة لنشر الإحباط وبث الاشاعات لتشويه أي فرصة حقيقية قد يستفيد منها أصحاب الطاقات المبدعة وتحويل أحلامهم إلى واقع، وعلى رأس هذه الإشاعات، الحديث عن الواسطات وأن هذه المؤسسات موجودة فقط لمساعدة فئة معينة دون سواها.
شخصيًّا أمرّ بتجربة مع إحدى هذه الجهات وهي صندوق الأمل، في برنامج “وجهة” الذي يهدف إلى توصيل رواد الأعمال بالمستثمرين لتطوير مؤسساتهم والانتقال بهم إلى أسواق عالمية، وخلال ثلاثة أسابيع من هذه التجربة لم أجد أي رائد أعمال شارك “بالواسطة”، بل إن جميع المشاركين كانت مشاريعهم إبداعية تستحق الدعم والتطوير، جميعهم شباب بحريني مجتهد، يملكون أفكارا عظيمة قادرين على تحقيقها إذا لم يتسلل دعاة السلبية لطموحاتهم لاغتيال أحلامهم، كما فعلوا مع عشرات من المشاريع التي لم تر النور بسبب اليأس الذي احتل مبادريها ومنعهم من وصولهم لطريق النجاح.
كثير من المبادرين حتى بعد تجاوزهم للبيئة السلبية يسقطون عند أول مطب فشل، وينضمون لدائرة الإحباط مقتنعين بأن محاولتهم الأولى كان كافية للنجاح، لكن في عالم الأعمال الفشل جزء من النجاح، فالفشل ليس نهاية الطريق بل معلم في سبيل النجاح، وأغلب رواد الأعمال لم يروا نور النجاح إلا بعد عتمة التجارب الفاشلة التي كونت منهم قصص نجاح تلهم الغير.
إلى دعاة السلبية:
لا أريد مناقشة أسبابكم، لكن نصيحة لكم، لا يمكن تعويض الوقت الذي تقضونه بالتفكير السلبي وعدم المحاولة بحجة الاستسلام للواقع، وإلى رواد الأعمال: لنتخذ من قصة الضفدع الذي أكمل السباق بنجاح عبرة لنا، فهذا الضفدع متوسط القدرة فاز رغم أن صيحات الاستهجان والاستنكار والسلبية من الجمهور على طرفي الطريق أدت إلى انهيار جميع الضفادع المشاركة ما عداه، وعند التتويج اكتشفوا أنه أصم، لا يسمع، وإلا كان سقط هو الآخر.
https://www.albiladpress.com/news/2022/4848/columns/741953.html