الوقت غير مناسب
ريادة الأعمال وحب المغامرة ودخول التحديات حالة ذهنية واستعداد نفسي وجسدي قبل أي شيء آخر، متقدة دائما، تجعل نفس صاحبها متوثبة للقفز والتفاعل مع كل ما هو جديد، وعدم الركون إلى دائرة الراحة والانتظار دون فعل شيء، حتى لو كانت الحرب النووية ستندلع بعد ساعة من الآن.
لا توقف الأحداث مهما كانت قاهرة رائد الأعمال عن ارتكاب مغامراته، حتى لو كانت حربا، أو انهيارا اقتصاديا، أو جائحة صحية، بل على العكس تماما، يقوم بمراقبة التحولات الكبرى التي ترافق هذه الأحداث ويتصيد الفرص التي تتولد عنها، فرائد الأعمال يرى أن الحمم البركانية التي تقذف الآن ستتحول بعد فترة إلى أرض زراعية خصبة، وأن كوارث الطائرات فرصة لتطوير أنظمة سلامة أكثر أمنا.
دعنا نراجع الأفكار الأساسية التي يمكن أن تثبت أو تدحض هذا الكلام، مستخدمين استبانة أساسية وسهلة تتضمن خمسة أسئلة تحدد الإجابة عنها إذا كان الوقت مناسبا لدخول مجال ريادة الأعمال أم لا.
هل هناك مال؟ إذا لم يكن هناك مال، فما هو الهدف من المشاريع التجارية إن لم تحقق الربحية؟ لحسن الحظ هناك الكثير من المال، أسعار النفط مرتفعة الآن، ومن المرتقب أن تتضمن ميزانية البحرين ودول المنطقة زيادة في الإنفاق على المصروفات الدورية ومشروعات البنية التحتية، ويجب الإشارة هنا إلى أن “تمكين” رصدت ما يزيد عن 100 مليون دينار من برامج الدعم المختلفة للمشاريع في البحرين. يأتي الكثير منها على شكل دعم وقروض مقدمة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وهذا ما يوفر فرصة لهم للإنفاق على الأشياء التي تعمل على تحسين أعمالها.
السؤال الثاني وهو إمكانية الوصول للأسواق الكبيرة، في البحرين وعن طريق برامج صادرات البحرين التي تدعم رواد الأعمال للوصول للأسواق العالمية، مما يسهل عليهم بشكل كبير أخذ الخطوة في تصدير الخدمات والمنتجات لأسواق أكبر، بالإضافة للتكنولوجيا المتطورة، يمكن لكل شركة تقريباً الوصول إلى مئات الآلاف أو ملايين المشترين المحتملين حول العالم وبيعهم عن طريق وسائل الدفع الإلكترونية المتعددة.
هل يمكنك الوصول إلى الموهوبين والعمل معهم؟ هذا هو الوقت الأكثر فاعلية للحصول على مؤسس مشارك في المشروع أو موظف رئيس في عملك، أكثر من أي وقت مضى، أصحاب المهارات العالية متاحون للعمل، والكثير منهم على مرونة عالية بالعمل بمختلف الطرق، مثل الدوام الجزئي، أو العمل بالعمولة أو العمل على مشروع معين أو العمل عن بعد، كل هذه الخيارات سهلت بشكل كبير قدرة المشاريع للحصول على فريق الأحلام.
نصل لعصب نجاح المشروع، هل هناك مشاكل حقيقية تحتاج إلى حل؟ والحقيقة السعيدة لرواد الأعمال بأن المشاكل لا تنتهي ودائماً تتجدد وتكبر وتشمل شريحة أكبر من المستهدفين الذين ينتظرون حلولاً لمشاكلهم وعلى استعداد لدفع المال مقابل التخلص من المشاكل أو تحسين جودة حياتهم، المشاكل تخلق فرصًا لرواد الأعمال، يتعيّن على كل شركة في العالم تقريباً تحسين الطريقة التي تعمل بها، وتحتاج الحكومات إلى تطوير خدماتها، تحتاج الشركات إلى تسويق فعال، يحتاج الموظفون إلى التدريب والقائمة تطول وتطول، ببساطة لا يوجد حد للمشاكل التي نحتاج إلى حلها بشكل عاجل.
هل لديك الخبرة والأفكار لحل مشكلة؟ بعد أن عملت مع مئات من رواد الأعمال، توصلت إلى اكتشاف أن معظم الناس يقفون على جبل من المعرفة والمهارات غير المستغلة، علاقاتهم ورؤاهم وقصصهم وأساليبهم وخبراتهم منصة ضخمة لابتكار حلول لمشاكل لدى الناس من الممكن أن تتحول إلى خدمات ومنتجات مربحة قد تصل لكل العالم، مشكلة الوقوف على الجبل هي أنك لا تستطيع رؤية حجمه الحقيقي وأنت في قمته، يتغاضى معظم المبادرين عن جبل قدراتهم؛ لأنهم يركزون على ما يفعله الآخرون.
لا تنسَ عزيزي المبادر
إن النظر إلى إجابات عن هذه الأسئلة الخمسة الأساسية هو الجواب الحقيقي فيما إذا كان هذا الوقت وقتا مناسبا لتكون رائد أعمال، إذا كنت على استعداد لإيجاد سوق، وتحديد مشكلة والإبداع في حلها، فأنت بالتأكيد رائد الأعمال القادم.
https://www.albiladpress.com/news/2022/4890/columns/747855.html