العيال كبرت

رمضان شهر التقرب إلى الله وتعزيز العلاقات الأسرية والاجتماعية وتقديم المزيد من العطاء للمحتاجين، لكنه أيضا شهر العمل والإنتاج، شهر اقتناص الفرص لأولئك الساعين أيضا إلى تطوير نماذج أعمالهم وزيادة مبيعاتهم وتقديم منتجات وخدمات تناسب أنماط الاستهلاك المختلفة التي نشهدها عادة خلال الشهر الفضيل.


هؤلاء ليسوا أصحاب المطاعم والفنادق والخيم الرمضانية وبائعي الملابس والفوانيس فقط، بل يمكن أن ينضم إليهم أي صاحب عمل مهما كان، شرط أن يكون لديه الرؤية والعزم على تطوير عمله ليواكب تبدل العادات التجارية للناس والمستهلكين في رمضان.


وإن فهم نمط حياة المستهلك والمتغيرات التي تطرأ عليها على مدار العام، وفي المواسم تحديدا، يسهل من عملية فهم المنتج أو الخدمة التي يقبل عليها أكثر من غيرها، وهذا ما نشهده سنويًا في معارض ووكالات السيارات على سبيل المثال من عروض خاصة بالشهر الفضيل، ولكن مع الأسف في كثير من القطاعات نشهد ركودا شبه تام، على مستوى العروض المقدمة وقد يصل حتى على مستوى العمليات التشغيلية، لتشهد هذه القطاعات أقل إنتاجية من موظفيها مقارنة بباقي السنة.


هنا يمكن أن أشير إلى قطاعات مثل الإنشاءات مثلا، فلا أدري لماذا لا يفكر المقاولون بتنشيط أعمالهم في رمضان عن طريق تبديل نموذج العمل، وفي الواقع ليس لدي اقتراحات لهم، فهم الأجدر على ذلك، كما أن قطاع التعليم والتدريب يشهد ركودا في رمضان، مع أنه يمكن القيام بكثير من الأشياء في هذا الشهر.


أنا أدعو رواد الأعمال للتفكير خارج الصندوق فقط. هل يجب أن يحصر المبرمجون أعمالهم في رمضان بإنتاج تطبيقات تحديد اتجاه القبلة والأذان خلال الصلاة؟ في الواقع أنا حتى لا أرى تطبيقات تساعد على توصيل المساعدات للمحتاجين، تطبيقات تنظم توزيع طعام الإفطار على الإخوة من العمال الآسيويين، أو تلك التي تربط العائلات المتعففة بالفائض من الطعام في المطاعم والفنادق.


هناك موسيقى خاصة برمضان وأجوائه وروحانياته، وهي مجال للابتكار والتطوير، ويمكن أن يتم خلق سوق كبيرة لها، وهناك إمكانية لإنتاج بودكاست إعلامي ثقافي معرفي يتناسب مع طبيعة وتوقيت رمضان، فلا يعقل أن يتوقف عقلنا العربي عند فيلم الرسالة الذي نشاهده تقريبا في كل رمضان منذ نحو عشرين أو ثلاثين رمضان، ولنقدم أيضا شيئا مختلفا عن مسرحية “العيال كبرت” التي حفظنا حواراتها لكثر ما تكررت في كل عيد. العيال كبرت خلاص كبرت.


من الثوابت بأن العمل عبادة، ولا ينبغي أن يكون شهر رمضان الكريم حجة لقلة العمل، بل يجب على المؤسسات وضع خطط تناسب كل مناسبة خلال السنة خاصة في رمضان، والتي قد تزداد الإعلانات من الشركات خاصة في قطاع الأغذية والتجزئة للمستهلك مما قد يتسبب في تغيير الأولويات للمستهلك.


شهر رمضان أكبر فرصة تسويقية للشركات والمحلات التجارية، فعدد الجمهور المستهدف يصل إلى ما يعادل ربع سكان العالم والذي يقدر بـ 1.9 مليار مسلم حول العالم، يمثل لهم رمضان شهر للعبادة والعائلة والتواصل الاجتماعي والتركيز على أهم الأمور، وللاستفادة القصوى من التسويق في هذا الوقت من السنة، يعد التخطيط المسبق أحد أهم العناصر للوصول لعدد كبير من العملاء والذين في العادة ما يخططون لشراء احتياجاتهم المهمة والاستفادة من العروض الرمضانية قبل فترة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على الأقل، أما للحصول على أفضل العروض أو تحديد الاحتياجات المهمة من المنتجات.


رسالة لقسم التسويق
رمضان فرصة ممتازة للمؤسسات الراغبين للوصول لعدد أكبر من العملاء، لكن لا ننسى بأن المستخدمين في رمضان يتوقعون نوع محتوى تسويقي مختلفا يناسب طبيعة حياة الفرد المسلم في هذا الشهر، فالمحتوى يجب تضمينه بما يلبي احتياجات الفئة المستهدفة من إضافة نوع من التسلية والترفيه في طريق صناعة وعرض المحتوى التسويقي.

https://www.albiladpress.com/news/2022/4932/columns/753912.html

مقالات ذات صلة

فرشة بعد الجائحة

أتجول في شوارع البحرين، أرى رجالاً وشبابًا يكدحون لكسب لقمة عيشة بشرف، يجلسون في أماكن عامة خلف “أرزاقهم”، ثلاجة سمك، أو مكسرات، أو ألبسة وألعاب أطفال، أو طاولة عليها تمر وحب شمسي وخس …

اشتر بالتي هي أحسن!

لكل مقام مقال، ولكل سوق احتياجاته وخصائصه وقوته الشرائية وطبائع المستهلكين فيه، ورائد العمل الذي يصمم خدماته أو منتجاته بناء على معتقداته وليس معتقدات السوق يخاطر بالفشل في مشروعه منذ …

كلمة السر هي “التصدير”

في سوق صغير مثل سوق البحرين، وقوة شرائية ليست مرتفعة كثيرًا، يعاني الجميع من تنافسية شديدة، خاصة أصحاب المشروعات الناشئة والصغيرة ذات الأفكار التقليدية، ويزيد من تلك المعاناة ثقافة التقليد …

أنت بعد تقدر

ليس هناك من إنسان عاقل سوي لا يحب فعل الخير وتقديم العطاء لغيره، سواء أكان الأمر بدافع ديني أو أخلاقي أو له علاقة بالجينات على اعتبار أننا مفطورون على فعل الخير. وكلما زاد علم ومعرفة ومال وقدرة …