أنت جاهز؟

عكست البحرين المسار التصاعدي للدين العام بعد أن سددت سندات دولية بقيمة 565 مليون دولار خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، وحققت وفورات في ميزانيتها بنحو 35 مليون دينار لأول مرة منذ نحو 14 عاماً، ونموا اقتصاديا بـ 5.5 %.

هذه الأخبار والمعلومات والأرقام لا يجب أن تمر على رواد الأعمال دون التفكير في انعكاساتها على السوق خلال المرحلة القادمة، وإنما يجب أن ترفع من جاهزيتهم وتزيد من اتساع عيونهم لرؤية واقتناص الفرص المرتقب ظهورها مع الطفرة المالية والاقتصادية التي تعيشها البحرين ودول الخليج العربي.

فبكل بساطة إذا كنت ترغب في إطلاق عملك التجاري، فإن أول ما ستحتاجه هو أن تبدأ أول خطوة، فعلى حد تعبير أحد رواد الأعمال الأكثر شهرة في العالم “والت ديزني”، فإن الطريق للبدء هو إنهاء الحديث والبدء بالعمل، في الواقع كثر هم من لديهم الاستعداد للبدء بالأعمال التجارية، فما الذي يؤخرهم؟

في بعض الأحيان يكون نقص التمويل هو السبب، أو قلة الخبرة والمعرفة في مجال إدارة الأعمال التجارية، أو الاعتقاد بأن المهارات التي اكتسبوها من عملهم الحالي ليست كافية، ففي دراسة أجرتها إحدى الشركات الاستثمارية الأمريكية وجد الباحثون أن 70 % من العمال يرغبون في الاستمرار في وظائفهم الحالية التي توفر لهم المزيد من الخبرة التي من شأنها مساعدتهم في بداية عملهم التجاري.

العالم مليء بأصحاب الأفكار الراغبين في إطلاق مشاريعهم، ولكن نسبة كبيرة منهم لا تبدأ أعمالها بسبب تخوفهم وشكهم في قدراتهم، لكن هناك أساليب مجربة لتحديد ما إذا كان صاحب الفكرة جاهز للبدء أم لا، ومن أهمها قدرة صاحب الفكرة على شرح فكرته التجارية بإيجاز، قوة أي عالم هي في الطريقة التي يفسر بها أصعب النظريات العلمية بأسلوب يستطيع استيعابه الصغير والكبير، كذلك هو الحال بالنسبة للمشاريع التجارية، فعندما يستطيع صاحبها تفسير فكرة مشروعه مرارا وتكرارا للجمهور ويجد القدرة على توصيل رؤيته بشكل واضح، سواء أكان هذا الجمهور قريبا أو صديقا أو شريكا تجاريا، ففي مثل هذه المرحلة يجب التوقف عن التخطيط والكتابة والبدء بتنفيذ النشاط التجاري وتحويل الأفكار إلى واقع ملموس.

ومن أهم الطرق أيضاً لتحديد الاستعداد لبدء الأعمال التجارية هو النضج العاطفي، قبل بدء النشاط التجاري ودخول عالم الأعمال، يجب على كل رائد أعمال أن يسأل نفسه: هل أنا مستعد لحياة رواد الأعمال؟ هل يمكنني المحافظة على ثباتي عندما تتعرض السفينة للعواصف أو العراقيل؟ هل أنا مستعد أن أكون قائداً مسؤولاً عن سبل عيش الآخرين؟ هل أستطيع المحافظة على مبادئي في وجه المغريات أو الظروف الصعبة؟ إذا كانت الإجابة هي “لا” على أي من هذه الأسئلة، فعليك أن تعلم أنه لم يحن الوقت بعد لتطلق مشروعك.

العلاقات التجارية دون دعم من مجموعة كبيرة من الزملاء والمديرين التنفيذيين، ورؤساء الشركات يمكن أن تكون شاقة، يجب أن تكون متأكداً من أنك على استعداد للتعامل مع التحديات والتعقيدات الممكن وقوعها من تلك العلاقات، العمر والخبرة لديهما دور مهم، ولكن الأهم هو النضج العاطفي. هناك من هم في عمر العشرين، لكن من الممكن لك أن تثق بانضباطهم وعملهم وإصرارهم، في حين أن هناك من تجاوزوا الخمسين عاما ويصعب الوثوق بهم لإدارة عربة بيع مشروبات. بعض الناس لن يكون لديهم أبداً مستوى النضج المطلوب، في حين أن آخرين ولدوا بمستوى نضج عالٍ.

رسالة لأصحاب الأفكار التجارية

للأسف فكرتك لا تساوي أي قيمة من دون البدء بتنفيذها، فلا تجعل التخطيط المبالغ به أو البحث عن المشروع المثالي بأن يؤخرك عن تنفيذ مشروعك، مهما كنت تخطط لمشروع، فالخطأ وارد، فلا ضرر في حدوث الأخطاء في البدايات والاستفادة منها للتصحيح والتطوير في الأعمال التجارية.

https://www.albiladpress.com/news/2022/5058/columns/771815.html

مقالات ذات صلة

فرشة بعد الجائحة

أتجول في شوارع البحرين، أرى رجالاً وشبابًا يكدحون لكسب لقمة عيشة بشرف، يجلسون في أماكن عامة خلف “أرزاقهم”، ثلاجة سمك، أو مكسرات، أو ألبسة وألعاب أطفال، أو طاولة عليها تمر وحب شمسي وخس …

الوقت غير مناسب

ريادة الأعمال وحب المغامرة ودخول التحديات حالة ذهنية واستعداد نفسي وجسدي قبل أي شيء آخر، متقدة دائما، تجعل نفس صاحبها متوثبة للقفز والتفاعل مع كل ما هو جديد، وعدم الركون إلى دائرة الراحة …

البديل

ترشحت لانتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين في العام 2018 تحت شعار “البديل”، قاصدا من وراء ذلك أنني البديل لمن يعتبر نفسه “أصيل” وراسخ، وواثق من استمراريته، ومطمئن إلى ما هو عليه. كرائد عمل …